ௌ عـام مـ ض ـى ௌ
أزف رحيل هذا العام فها هو يطوي بساطه، ويقوض خيامه، ويشد رحاله
قال تعالى :
يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ [النور:44]
وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَابَيْنَ النَّاس [آل عمران:140]
يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً [الأعراف:54]
هذا السير الحثيث يباعد عن الدنيا و يقرب إلى الآخرة..
يباعد من دار العمل ويقرب من دار الجزاء.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ( ارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت الآخرة مقبلةً، ولكل واحدةٍ منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإنّ اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل ) [أخرجه البخاري].
ويمضي الراحل بذكرياتنا وآلامنا وآمالنا إلى حيث لا يعود أبداً !!
ويقبل القادم فاتحاً ذراعيه، ليأخذ قطعة من نفوسنا وجزءاً من حياتنا، ولا يعطينا بدلاً منها شيئاً.
هل الحياة إلا أعوام فوق أعوام ؟ ... و هل النفوس إلا الذكريات والآلام !
وكل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها
عام كامل
......تصرمت أيامه
................وتفرقت أوصاله
..................وقد حوى بينجنبيه حِكماً و عبراً، وأحداثاً وعظات
كم شقي فيه من أناس، وكم سعد فيه من آخرين ؟
كم طفل قد تيتّم ؟ وكم من امرأة قد ترمّلت ؟
وكم من متأهل قد تأيّم ؟
مريض قوم قد تعافى .. وسليم قوم في التراب قد توارى !
أهل بيت يشيعون ميتهم...وآخرون يزفون عروسهم !
دار تفرح بمولود ... وأخرى تعزّى بمفقود !
عناق وعبرات من شوق اللقاء، وعبرات تهلّ من لوعة الفراق!
وآلام تنقلب أفراحاً، وأفراح تنقلب أتراحاً !
أحد يتمنى زوال يومه ليزول معه غمه وهمه وقلقه !
وآخر يتمنّى دوام يومه ليتلذذ بفرحه وغبطته وسروره !
أحدهم يُلقي عصا التيار حيث استقر به المثوى
وآخر يضرب في الأرض طلباً للرزق والمأوى.
حضر فلان و غاب فلان..
................ومرض فلان ودفن فلان..
.......................... وهكذا دواليك، تغيّر أحوال، وتبدل أشخاص
فسبحان الله ما أحكم تدبيره، وما أجلّ صنعه
يعز من يشاء ويذل من يشاء، ويعطي من يشاء بفضله، ويمنع من يشاء بعدله، وربك يخلق ما يشاء ويختار
أمور تترى.. تزيد العاقل عظة وعبرة .. و تنبه الجاهل من سبات الغفلة
ومن لم يعتبر بما يجري حوله، فقد غبن نفسه.