بسم الله الرحمن الرحيم
فأرقت موضع مرقدي يوما ففارقني السكون
القبر أول ليلة بالله قلي ما يكون
ليلتان اثنتان يجعلها كل مسلم في مخيلته :
ليلة وهو في بيته مع أطفاله وأهله .
منعما سعيد ، في عيش رغيد في صحة وعافية ، يضاحك أطفاله ويضاحكونه .
والليلة التي تليها مباشرة ليلة أتاه الموت فوضع في القبر ، أي ليلتين ؟
ليلة ثانية وضع في القبر لأول مرة ، وذاك الشاعر العربي يقول :
فارقت موضع مرقدي يوما ففارقني السكون ، يقول :
انتقلت من مكان إلى مكان ، وذهبت من موضع نومي في بيتي إلى بيت آخر فما أتاني النوم .
فبالله كيف تكون الليلة الأولي في القبر ؟
يوم يوضع الإنسان فريدا وحيدا مملقا إلا من العمل ، لا زوج ولا أطفال ولا أنيس :
(ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ) .
أول ليلة في القبر بكى منها العلماء ، وشكا منها الحكماء
ورثا إليها الشعراء ، وصنفت فيها المنصفات .
أول ليلة في القبر .
أتي بأحد الصالحين وهو في سكرات الموت لدغته حية .
وكان في سفر ، نسي أن يودع أمه وأباه وأطفاله وإخوانه
فقال قصيدة يلفظها مع أنفاسه هي أم المراثي العربية في الشعر العربي .
يقول وهو يزحف إلى القبر :
فلله دري يوم أترك طائعا
بني بأعلى الرقمتين وداريا
يقول لا تبعد وهم يدفنونني
وأين مكان البعد إلا مكانيا
وأنا أطالب نفسي وإياكم آيا معاشر المسلمين أن نهيئ لنا نورا في القبور أول ليلة .
ووالله لا ينور لنا القبر إلا العمل الصالح بعد الإيمان .
لنقدم لنا ما يؤنسنا في القبر يوم ننقطع عن الأهل ، والمال ، الولد والأصحاب .
أسأل أن يثبتنا وإياكم بالقول الثابت